﴿والأمثلة على دمار الأمم البائدة من أمثالهم متكررة في التاريخ، وسنة الله في الخلق لا تتغير: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها﴾ (١٠)
لأنّ الله تعالى يهدي عباده المؤمنين، أما المصرّون على الكفر فيخلّيهم لأنفسهم: ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ﴾ (١١)
فيتمتع الكفار بنصيبهم من الحياة الدنيا كالبهائم، لكن مصيرهم في الآخرة يؤول إلى النار: ﴿إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ﴾ (١٢)
وقد شهد التاريخ من المجتمعات الكافرة (الآية ١٠) من هم أشد قوة من كفار قريش ومع ذلك انتهى مصيرها إلى الهلاك: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ﴾ (١٣)
فلا يستوي في العاقبة من كان ثابتا على حجج ظاهرة مستندة على الوحي وعلى البراهين العقلية، ومن اتّبع الهوى: ﴿أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاِتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ﴾ (١٤)
فعاقبة الأول في الجنة والآخر في النار، و (الآية ١٥) تضرب لنا مثلا عن الجنة والنار، وضرب المثل لأن حقيقتهما خارج إدراك البشر، قال الزمخشري: ذلك تمثيل لما غاب عنّا بما نشاهد، أي بما نعرفه من المحسوس: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥)﴾