للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها النبي، أو أيها المسلم: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ﴾ وهذا القول تكذيب لاعتقادهم عقلا ونقلا، فالعاقل لا يصح أن يصدق ذلك، ولا ينسبه إلى الوحي ﴿أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ تكتبون من عندكم وتنسبونه إلى الله؟ أم تعتذرون بالجبرية، أم تقليد الآباء؟

﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَاُدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ (٢٩)

٢٩ - ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾ قل لهم أيها النبي، أو أيها المؤمن، إنه على النقيض ممّا تدّعون فإنه تعالى قد أمر بالاعتدال والعدل بين الناس كافة بلا تفريق ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ وقل لهم أيضا أن يتوجهوا له تعالى وحده دون غيره، عند كل صلاة وكل دعاء، وليكن التوجه إلى الله تعالى بحضور القلب وصرف الشواغل الدنيوية وطرد وساوس الشيطان، ويحتمل المعنى أيضا تفسير التوجه بشكل حسّي، فيكون الأمر بالتوجه نحو القبلة وقت كل صلاة حيثما كان المرء ﴿وَاُدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ الصلاة في أصل اللغة عبارة عن الدعاء، فيجب أن يكون الدعاء مع الإخلاص ﴿كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ اعلموا، وكونوا على يقين، أنه كما بدأكم بالخلق، فلا بدّ من المعاد إليه للحساب، وهذا أدعى إلى الإخلاص في الدعاء.

﴿فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اِتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (٣٠)

٣٠ - كما بدأكم بالخلق، فلا بد من عودتكم إليه يوم الحشر، وعندئذ تكونون فريقين: ﴿فَرِيقاً هَدى﴾ وهو الفريق الذي تقبل الهدي الإلهي وما جاءت به الرسل، وعمل به ﴿وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ وهو الفريق الذي اختار الضلال وكذّب بالآيات والرسل، أو صدّقها ولم يعمل بها ﴿إِنَّهُمُ اِتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ وهو السبب الذي من أجله حقّ عليهم الضلالة أنهم قبلوا وساوس الشياطين وعملوا بها، فكأنهم ولّوا الشياطين أمورهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>