﴿أَفَضْتُمْ﴾ أي تركتم عرفات مندفعين منها كما يفيض الماء - أي بسبب كثرتكم - ﴿مِنْ عَرَفاتٍ﴾ بعد مغيب التاسع من ذي الحجّة ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ﴾ بجمع صلاتي المغرب والعشاء بالمزدلفة ﴿وَاُذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّالِّينَ﴾ واذكروه على كل الأحوال بالدعاء والتسبيح والحمد، كما هداكم لدين الإسلام.
١٩٩ - ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ﴾ أمرهم بالنزول من عرفات وسلوك الطريق الذي سلكه قبلهم إبراهيم وإسماعيل ﵉ وأتباعهما، والمعنى أنّ الإفاضة من عرفات بهذا الطريق شرع قديم لم يتغير ولا خلاف فيه، ومغزى الآية تجاوز النوازع والفروقات الفردية والالتزام بجماعة المسلمين والمساواة بين الناس بلا تعصب بين الأجناس والطبقات والمراتب الاجتماعية، وكانت قريش تتخذ طريقا للإفاضة غير طريق عامة الناس من العرب ﴿وَاِسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الأحاديث كثيرة في فضل الاستغفار خاصة بعد قضاء العبادات.
٢٠٠ - ﴿فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً﴾ كانوا في الجاهلية يذكرون آباءهم ويتفاخرون بهم، فالآية تحثّهم على ذكر الله كما كانوا يذكرون آبائهم أو أكثر من ذلك ﴿فَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ من يجعل همّه الدنيا فيعمل لها ويدعو لها فقط فلا يكون له نصيب في الآخرة.