للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متكبّرا لا ينقاد إلى الحق، يناصب الأنبياء والرسالات السماوية والدعاة وأنصارهم العداء، ويؤذيهم بالقول والفعل، وغالبا ما يكون هؤلاء الشياطين العتاة من الزعماء والمترفين، ومن قساة القلوب المفسدين في الأرض، كالمشار لهم في آيات [البقرة: ٢/ ٦ - ٢٠] ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ﴾ يقول بعضهم لبعض أقوالا معسولة مموّهة مبطّنة، مستخدمين أساليب ونظريات فاسدة خادعة، كزعمهم أن الإيمان غرور، وأن لا حياة بعد الموت، وأن الكون أوجد نفسه بالصدفة، وأن لا خالق ولا وحي، فيغترّون بذلك ﴿غُرُوراً﴾ خداعا وباطلا وأخذا على غرّة، كقوله تعالى: ﴿وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً﴾ [الإسراء: ١٧/ ٦٤].

﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ﴾ لأن مشيئته تعالى اقتضت أن يكون لديهم استعداد للخير والشر، وأن يكونوا مختارين في سلوكهم لا مجبرين ﴿فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ﴾ فإنما عليك البلاغ، والحساب على الله.

﴿وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ﴾ (١١٣)

١١٣ - ﴿وَلِتَصْغى إِلَيْهِ﴾ تميل إلى زخرف القول والغرور، لأن الصغو في اللغة معناه الميل، كقوله تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما﴾ [التحريم: ٦٦/ ٤]، ﴿أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ تميل قلوبهم إلى تصديق زخرف القول وتصاب بالغرور ﴿وَلِيَرْضَوْهُ﴾ يقبلون بزخرف القول، ويصبحون راضين عنه دون بحث أو تحقق أو تأكد من صحته ﴿وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ﴾ فيرتكبوا من الآثام والخطايا بنتيجة رضاهم وقبولهم كلام الخداع والباطل، واغترارهم به.

﴿أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>