٧٤ - ﴿وَاُذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ﴾ خلفتم عاد في الحضارة والعمران والقوة، وكانت العرب تطلق على ثمود اسم عاد الثانية، وكانت في زمنها من أعظم البلاد وأكثرها تقدّما وحضارة، وامتدت أراضيها من شمال الحجاز - الحجر - حتى الشام، وقد اكتشفت نقوش آشورية تعود إلى عهد سرجون الثاني ملك آشور (٧١٥ ق. م) تذكر أنهم خضعوا لسلطة الآشوريين لفترة من الزمن، ويبدو أن مدينة البتراء الصخرية المكتشفة في الأردن منذ عهد قريب تعود إليهم، أي إنهم النبطيون الذين اصطدموا مع أنتيجوني الأول أحد خلفاء الاسكندر عام ٣١٢ ق. م، ثمّ في عام ٨٥ ق. م. وصلت دولتهم إلى دمشق تحت حكم ملكهم الحارثة، وتكرر ذلك عام ٣٦ ميلادية أيام ملكهم الحارثة الرابع، ثم هزمتهم روما في عهد الإمبراطور تراجان عام ١٠٥ ميلادية ﴿وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ سكنتم وتمكنتم فيها ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً﴾ كانوا يبنون القلاع في السهول وينحتون البيوت في الجبال، ولا تزال بيوتهم المنحوتة في الجبال في مدائن صالح - شمال الحجاز - وفي البتراء في الأردن موجودة إلى اليوم مزينة بالنقوش والكتابات شاهدة لهم على مستوى الحضارة التي وصلوها ﴿فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ﴾ اذكروا نعم الله عليكم أن وصلتم إلى هذه المرحلة من الحضارة والتمكن في الأرض، والذكر يكون بقبول الهداية الإلهية والعمل بمقتضاها ﴿وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ لأن الإفساد في الأرض نقيض ذكر النعم الإلهية.
٧٥ - ﴿قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾ بعض المستضعفين آمن بالنبي صالح، في حين أن الملأ من ثمود استكبروا، وهذه الظاهرة تكررت في تاريخ بعث الرسل، لأن كبار القوم ينظرون عادة إلى