٤٥ - الظالمون كانوا في الحياة الدنيا على ثلاثة أنواع: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ يصدّون الناس عن قبول الدين الحق، ويحاولون صرفهم عنه، سواء بالقسر والإكراه، أو بالترغيب والإضلال بالدعاية الباطلة والوسائل المقنّعة، وهي أكبر المحرّمات، لأنها أول ما وصف بها تعالى أصحاب النار، فهؤلاء الناس لا يكتفون أنهم ضالّون بل يعملون جاهدين على إضلال غيرهم ﴿وَيَبْغُونَها عِوَجاً﴾ يبغون سبيل الله، أي الطريق إليه، معوجّة، لأنهم يريدون إفساد الدين الصحيح بالشرك، وبالتشكيك، وبالتضليل بالوسائل السافرة والباطنية ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ﴾ ومن هؤلاء الظالمين، الضالين المضلّين، من يكون كافرا بالآخرة، ينكر البعث والحساب،
٤٦ - ﴿وَبَيْنَهُما حِجابٌ﴾ بين أصحاب الجنة وأصحاب النار حجاب، والحجاب قد يكون حسّيا أو معنويا، وأمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا ﴿وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ﴾ الأعراف، بصيغة الجمع، تطلق على أعالي الأشياء، ومفردها عرف، ومنه عرف الديك وعرف الفرس، ويسمّى المرتفع من الأرض عرفا لأن الواقف عليه يستطلع ما دونه فيصير على معرفة به، أو لأنه يمكن تمييز المرتفع ومعرفته من بعد، ومنه المعرفة، والعرف ضدّ النكر، والمعرفة هي منبت العرف، فيقال فلان على معرفة أي على علم، ورجال على الأعراف يعرفون كلاّ بسيماهم، أي أنهم على معرفة وبصيرة وحسن تمييز بين أهل الجنة وأهل النار، - وهو قول الحسن البصري والزجّاج، ذكره الرازي - والواضح أنهم فريق ثالث غير أصحاب الجنة، وأصحاب النار، فهؤلاء الناس كانوا في حياتهم على مستوى عال من المعرفة، يستطيعون التمييز جيدا بين الحق والباطل، والخطأ والصواب، والإيمان والكفر، ومع ذلك كانوا غير مكترثين، لم