للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - ﴿وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ استمرار الخطاب من يعقوب ليوسف، أي كما اختارك ربّك بمثل هذه الرؤيا العظيمة فهو يجتبيك أي يصطفيك ويختارك لأمور عظام ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ﴾ من معاني الرؤى وفهم مضامينها وما تؤول إليه، و ﴿مِنْ﴾ للتبعيض، أما مطلق التأويل والعواقب فلا يعلمه إلا الله، لأنّ الأحاديث بالمعنى العام لا تقتصر على الرؤى، وقد يكون تأويل الأحاديث في كتب الله تعالى ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ بالنبوة والرسالة والملك والرئاسة ﴿وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ﴾ بإخراجهم من البدو، وتبوئهم المقام الكريم في مصر ثم بتسلسل النبوة فيهم إلى أجل معلوم ﴿كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ﴾ وهما جده وجد أبيه، إذ اختصهما تعالى بالنبوة وبالنجاة من المكاره ﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ عليم بمن يصطفيه، حكيم باصطفائه، وبإعداد الأسباب وتسخيرها لمن يشاء.

﴿لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلِينَ﴾ (٧)

٧ - ﴿لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلِينَ﴾ أي في قصتهم علامات ودلائل على قدرة الله تعالى وحكمته في كل شيء، وهي كثيرة لمن تتّبعها، للراغبين في معرفة الحقائق والاعتبار بها، لأنهم هم الذين يعقلون الآيات ويستفيدون منها، دون عداهم،

﴿إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (٨)

٨ - ﴿إِذْ قالُوا﴾ وهم إخوة يوسف ﴿لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ﴾ أخوه بنيامين، كان مع يوسف من أم واحدة، خلافا للباقين إذ كانوا أخوة يوسف وبنيامين لأبيهم فقط ﴿أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنّا﴾ كان يعقوب يحب يوسف خاصة لما رأى فيه من دلائل النبوة، وبالمقارنة مع باقي العشرة لما رأى فيهم من سوء الخلق والفساد والحسد ﴿وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ تبجحوا فيما بينهم أنهم مجموعة كبيرة أكثر قوة وأكثر قياما بمصالح الأب منهما، خاصة في مجتمع البدو حيث الأولاد الكبار هم الذين يدفعون المخاطر عن العائلة ويشتغلون بتحصيل الرزق والمنافع، ولذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>