تزعمون أن الله ثالث ثلاثة بعد كل هذه البراهين الساطعة ﴿قُلْ لا أَشْهَدُ﴾ لا أخالف الوحي والعقل والدلائل ﴿قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ﴾ الوحي والدلائل والعقل كلها تفرض هذه الحقيقة ﴿وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ﴾ أبرّئ نفسي من أن أشرك بالله ما لم ينزّل به سلطانا من العلم اليقيني والعقل والبرهان والدلائل.
٢٠ - ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ﴾ الخطاب استمرار لما سبق والضمير في (يعرفونه) يعود إلى النبي ﷺ لأن الآية السابقة تشهد على نبوّته بأن الله شهيد بينه وبين الناس، والمعنى أن أهل الكتاب كانوا يتوقعون وينتظرون رسالة خاتم الأنبياء والرسل كما هو مذكور تكرارا في كتبهم، ويعرفونه تمام المعرفة، انظر آية [البقرة: ٢/ ٨٩]، نظر أيضا كتاب عبد الأحد داود:«محمد في الكتاب المقدس» ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ الذين خسروا أنفسهم بسبب تمسكهم بالزعامات والمناصب والجاه، وبسبب المكابرة والعناد والعصبية والتقليد، فهم بالتالي لا يؤمنون، وهذا المعنى منطبق على أهل الكتاب زمن البعثة النبوية كما هو منطبق عليهم الآن.
٢١ - ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ استمرار الخطاب، والكلام لا يزال عن أهل الكتاب، لأنهم افتروا على الله الكذب فشهدوا أنه ثالث ثلاثة، وأشركوا به المسيح والروح القدس، انظر الآية (٧٣)﴾، ﴿أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ﴾ كذّبوا بالقرآن والآيات الكونية والدلائل المؤيدة له ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ﴾ الذين افتروا الكذب، ويدخل فيهم الذين أدخلوا على التفسير القرآني وعلى الحديث الشريف من الإسرائيليات والخرافات ما تغص به الكتب، انظر كتاب «الإسرائيليات في التفسير والحديث»، محمد الذهبي، ويدخل فيهم من يزيد في دين الله من عنده من التحريم والتحليل والعبادات.