من النعيم في الدار الآخرة، للذين يتقون المعاصي، خير من حطام الدنيا الذي يحصلون عليه بالغش والخداع والباطل والربا والرشوة ﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ حث على استخدام العقل، لأن العاقل لا يخدع نفسه بظنّ التوفيق بين الكفر والمعاصي وبين المغفرة، كما لا يرجّح الحطام العاجل الزائل على النعيم الدائم.
١٧٠ - ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ﴾ الذين يتمسّكون بالعمل بما في حقيقة التوراة، وليس كتابات الأحبار، ولا يتمسكون بأوهامهم وتمنياتهم التي تخوّل لهم عمل ما يريدون من الباطل ﴿وَأَقامُوا الصَّلاةَ﴾ يقيمون العبادات بالإضافة للعمل الصالح المذكور آنفا ﴿إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾ فهؤلاء يلقون ثواب أعمالهم ولا تذهب أعمالهم سدى، وهم المشار إليهم في الآية (١٥٩).
﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاُذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (١٧١)
١٧١ - ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ﴾ النتق هو الزعزعة، فيكون المعنى أن الجبل تزلزل بهم، انظر آيتي [البقرة ٩٣/ ٢، ٦٣]، وآية [النساء ١٥٤/ ٤]، ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ﴾ لشدة زلزلته واضطرابه ﴿خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ أي متمسكين بالكتاب عازمين على تحمل ما فيه من التكاليف ﴿وَاُذْكُرُوا ما فِيهِ﴾ من الحكمة والعلم والثواب والعقاب ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ الضلال والمعاصي وعواقبها، والدلالة المستفادة من هذه الآية هي عتو بني إسرائيل وتمردهم على موسى حتى أنه لزمهم معجزة نتق الجبل، وغيرها من المعجزات الحسية كثير، حتى آمنوا.
وبهذه الآية تنتهي قصة بني إسرائيل في هذه السورة، ويلاحظ أن العبر المستخلصة منها تنطبق على بني إسرائيل إلى يومنا هذا، من حيث سلوكهم وإفسادهم، رغم كل المعجزات المادية والبينات الفكرية التي جاءتهم، ولذا فإن