للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تبين السورة خلاصة جامعة لمكارم الأخلاق في طريقة الدعوة، وفي حسن التعامل مع الناس وفي التيسير وترك التشدد ونفي الحرج والرفق واللطف والتسامح وترك الغلظة: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ﴾ (١٩٩)،

ومن آداب الدعوة، الاستماع لما في القرآن من الحجج البيّنات، استماع تفهّم وتفكّر واستيعاب، وفي ذلك عودة إلى الآية (٣) من السورة: ﴿وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (٢٠٤)، ثم تعود للتذكير أن الاستكبار والإيمان لا يجتمعان: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ (٢٠٦)،

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

﴿المص﴾ (١)

١ - الله أعلم بمراده، راجع شرح آية [البقرة ١/ ٢].

﴿كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٢)

٢ - ﴿كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ الكتاب هو القرآن، والحرج هو ضيق الصدر، وأصله من الحرج ذي الشجر الكثيف الذي يضيق المرور فيه، والمعنى لا يضيق صدرك - أيها النبي، أو أيها الداعية - عن إنذار الكافرين بالقرآن، وتذكير المؤمنين، والذين لديهم قابلية للإيمان، وقالوا أيضا إن الحرج هو الشك، لأن الشاكّ يكون ضيّق الصدر، والخطاب وإن كان للنبي فهو أيضا عام لجميع المؤمنين في كل العصور، والواضح أنّ الحرج أو الشك ليس في كون القرآن منزلا منه تعالى، فذلك ليس موضع حرج ولا شك من النبي ولا من المؤمنين، فالضمير في ﴿مِنْهُ﴾ غير عائد للكتاب، وإنما الحرج المنهي عنه هو في الإنذار والتذكير، لأنّ الهدف الذي تنص عليه الآية ذو شقّين.

<<  <  ج: ص:  >  >>