٤٤ - ﴿أَتَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ فتتبعون معايير مزدوجة؟ لأن من الوصايا الموجودة في كتب اليهود النهي عن القتل وعن السرقة وعن الزنى وعن أكل الربا، ولكنهم كانوا يفهمون منها النهي عن قتل اليهودي أو سرقته أو الزنى والنهي عن أكل الربى فيما بينهم، في حين أنهم يحلّون، بل يحضّون، على تقتيل غير اليهود وإبادتهم وطردهم وسرقتهم والاحتيال عليهم وأكل الربا منهم، وينشرون الزنا بين الآخرين، الأغيار حسب تعبيرهم، بل يعتبرون كل امرأة من الأغيار مومسا، كل ذلك أدخله الأحبار في كتبهم التي يسمّونها مقدسة ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ﴾ يتلون الكتاب ويفسرونه على هواهم، بل يتلاعبون بمحتواه ويضيفون من عندهم الكثير، وقد فعل أحبارهم ذلك على مر العصور ﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ أن الناس كلهم عباد الله، وأنه لا يصح تقسيمهم إلى يهود وغير يهود، أغيار كما يسمّونهم، كما لا يصح أن يكون هناك ازدواجية في التعامل مع الناس، وأنه لا يوجد في دين الله عنصرية ولا تفرقة، والنتيجة: ألا تعقلون أنّ ممارساتكم ليست دينا وإنّما تقليدا أعمى لمنكرات مناقضة للمعقول.
٤٥ - ﴿وَاِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ استعينوا على شرور نفوسكم وما تحبون من الدنيا بالصبر والصلاة الصحيحة لمن يوقنون بالآخرة ﴿وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ﴾ الصلاة ثقيلة وشاقة على من يتهالك على الدنيا ﴿إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ﴾ فهي قرة عين لهم، وراحة وطمأنينة.
٤٦ - ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾ يظنون بمعنى يوقنون، فالظنّ هنا بمعنى اليقين، كما أنهم يظنّون الموت والرجوع إلى ربّهم في كلّ لحظة، فلا يفارق الخشوع قلوبهم.