للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لظهوره بنفسه في إعجازه وصدقه، فهو أشبه شيء بالنور الظاهر بنفسه، والمظهر لغيره ﴿أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الناجون الفائزون.

﴿قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاِتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (١٥٨)

١٥٨ - ﴿قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ بمن فيهم اليهود، وهذا الخطاب المعترض ضمن قصة موسى قصد منه التوضيح ومقارنة بعثة النبي مع ما سبق من بعث الأنبياء الذين بعثوا إلى أقوامهم خاصة لمعالجة أوضاع اجتماعية معينة لدى تلك الأقوام، بما في ذلك بعثة موسى وعيسى ، في حين أن النبي بعث للناس كافة، ورسالته تتخطى الأقوام والثقافات، إلى كل الشعوب والثقافات في الدنيا، وهي أيضا رسالة صالحة ومقصودة لكل العصور، لكونه خاتم الأنبياء والرسل،

﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ فبعث النبي إلى الناس كافة ﴿لا إِلهَ إِلاّ هُوَ﴾ المتفرد والمتصرف بملكه، والمدبّر لخلقه، فلا مستحق للعبادة سواه ﴿يُحيِي وَيُمِيتُ﴾ قادر على الإحياء والإعادة والحشر ثم الحساب ﴿فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ﴾ لأنه بعد هذه الحجج لم يبق للعاقل المنصف إلاّ الإيمان بالله وبرسوله، إذ لن يكون بعده رسول، والخطاب موجّه للناس عامة بمن فيهم اليهود ﴿النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ﴾ تكرار الإشارة لأمّيته تأكيدا على الإعجاز، فالرسول لم يكن على خلفية بأي من الثقافات العالمية التي كانت في زمنه أو قبله، كما لم يتفق له مجالسة أحد من العلماء ولا التعلم منهم، لأن مكة لم تكن بلدا للعلماء، وما غاب الرسول عن مكة غيبة طويلة حتى يقال إنه في تلك المدة تعلم العلوم الكثيرة، فكان ظهور هذه العلوم السماوية عليه من أعظم المعجزات ﴿الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ﴾ تأكيد على وحدة الرسالات والوحي، فهو يؤمن بما أنزل عليه وما أنزل على من سبقه من الرسل ﴿وَاِتَّبِعُوهُ﴾ اتباع تصديق وقبول وإذعان وعمل ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ إلى الحقيقة إذا أعملتم العقل والتفكير.

<<  <  ج: ص:  >  >>