للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى ﴿لا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ أنه عندما يستشري الفساد والضعف والتفسخ، ويفوت أوان الإصلاح، تصبح النهاية محتومة فلا يمكن تأخيرها، ومعنى ﴿وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ أن النهاية لا تجيء مبكرة طالما هنالك أمل يرجى في الأمّة، وفي الصلاح والإصلاح، أما الساعة المذكورة في الآية فلا يقصد بها الساعة المعروفة بمعنى جزء من أربعة وعشرين من اليوم، وإنما هي إشارة إلى جزء صغير من الزمن المطلق،

﴿يا بَنِي آدَمَ إِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اِتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٣٥)

٣٥ - ﴿يا بَنِي آدَمَ إِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ اتصال الخطاب مع الآية (٢٤)، والمعنى أن الله تعالى بعد أن جعل خليفة في الأرض من ذرية آدم، بعث لهم الرسل من أنفسهم ليكون ذلك أدعى لاستجابتهم، والخطاب أيضا متصل مع الآية السابقة لكونه وعظ في اتباع الرسل قبل مجيء الأجل بغتة أو خفية ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي﴾ يبلّغون الناس الوحي الذي نزل عليهم ﴿فَمَنِ اِتَّقى وَأَصْلَحَ﴾ اتّقى المعصية وقام بصالح الأعمال ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ سعادة الدنيا - والآخرة - مرتبطة بالاهتداء بالدين وبالعمل به، انظر آيات [طه ١٢٣/ ٢٠ - ١٢٤]، وأما كون الدنيا للكفار أيضا - في بعض الأزمنة - فلأنه تعالى جعل فيها سننا وأسبابا ومسببات من أخذ بها وصل إلى مبتغاه منها، ولو مؤقتا، كافرا كان أو مؤمنا، ولو جعلها للمؤمنين خالصة دون غيرهم لبطل التكليف والاختيار والاختبار، ولصار الإيمان قسرا.

﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاِسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ (٣٦)

٣٦ - ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاِسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ الذين كذّبوا بالآيات المنزلة على الأنبياء والرسل، أو كذّبوا بعض الرسل أو أحدهم، واستكبروا عن اتباع الآيات التي جاءت الرسل بها، وعن اتباع النبي ، حسدا له على الرئاسة - كما يفعل اليهود - وتفضيلا لأنفسهم

<<  <  ج: ص:  >  >>