بدلا عن الآخرة ﴿وَاِطْمَأَنُّوا بِها﴾ انهمكوا بها حتى سكنت إليها نفوسهم، وارتاحت لها قلوبهم ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ﴾ الجملة الاسمية تفيد استمرارية غفلتهم عن آيات الكتاب الحكيم، مع احتمال كونهم مؤمنين بها، غير أنهم غافلين عن العمل بها لانهماكهم في دنيا المادة، وقد يكون هذا الفريق الغافل، غير فريق الملحدين الذين لا يرجون اللقاء، مع أن الفريقين مشتركان في الانشغال بالدنيا وحدها، ومشتركان في الغفلة عن آيات الكتاب الحكيم (الآية ١)، وعن التفكر والتدبر في الآيات الكونية، الآيات (٦، ٥، ٣)،
٨ - ﴿أُولئِكَ مَأْواهُمُ النّارُ﴾ مآلهم عذاب الآخرة ﴿بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ بسبب ما كانوا يكسبون من العقائد الفاسدة وما ترتّب عليها من عمل، والمعنى أنّ أعمالهم هي المؤثرة في إيصالهم إلى هذا المآل، انظر شرح (الآية ٤)، ونظيره قوله تعالى ﴿ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [الحج ١٠/ ٢٢].
٩ - تتمة الخطاب من (الآية ٧) لبيان مآل المؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالقرآن وبالغيب ﴿وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ كان إيمانهم مقترنا بالأعمال الصالحات ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ﴾ بسبب إيمانهم المقترن بالعمل الصالح، فيكون ذلك سببا لهدايتهم بما يؤدي بهم إلى الجنة: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ﴾ وفي الآية التالية وصف نعيمها الروحاني:
١٠ - ﴿دَعْواهُمْ فِيها﴾ دعاؤهم في الجنة ﴿سُبْحانَكَ اللهُمَّ﴾ تسبيح وتنزيه له تعالى، كقول الملائكة ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة ٣٠/ ٢]، ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ﴾ وهي التحية التي تلقاهم بها الملائكة أنهم في نعيم