١٧ - هذه الآية وصف لجانب من جوانب الإعجاز في رقود الفتية مئات السنين، والمفهوم منها أنهم كانوا في متّسع من كهف، فوّهته متّجهة نحو الشمال الجغرافي: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ﴾ تميل ﴿عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ﴾ من جهة المشرق ﴿وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ﴾ تعدل عنهم ﴿ذاتَ الشِّمالِ﴾ من جهة المغرب ﴿وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ﴾ في متّسع من الكهف، تنالهم منه التهوية الكافية دون أن يصيبهم قيظ الشمس مباشرة أو يؤذيهم، ولا عفونة تطالهم أو تبلي ثيابهم ﴿ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ﴾ الآفاقية الكثيرة، وهو أيضا من آيات الله أن هداهم للرقود في مثل هذا الكهف ذي التهوية والتكييف الطبيعي ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ بتوفيقه ولطفه ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ﴾ فيخلّيه تعالى لنفسه ولإصراره، ولسوء استعداده ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً﴾ يتولّى حمايته ويبيّن له طريق الصواب،
١٨ - ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ﴾ في رقدتهم كثيرا، لأنّ التقليب يفيد كثرة التكرار ﴿ذاتَ الْيَمِينِ﴾ لجهة أيمانهم ﴿وَذاتَ الشِّمالِ﴾ لجهة شمائلهم، واقتضت حكمته تعالى ذلك كي لا تأكل الأرض أبدانهم بل يكون حفظها بما جرت به العادة في نومهم من التقلّب يمينا وشمالا، وإظهارا لعظيم قدرته تعالى في شأنهم، إذ جمع فيهم الإنامة الثقيلة والتقليب الكثير ﴿وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ في فناء الكهف بحالة استرخاء ﴿لَوِ اِطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾ لأنه لا بد للمشاهد أن يلحظ