للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغيير في سننه، مطابقا للفطرة السليمة، لا إفراط ولا تفريط ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ﴾ أظهرنا الحجج وجعلناها واضحة مفصّلة ﴿لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ﴾ لذوي العقول المبصرة والفطرة السليمة، يذّكرون المعارف والحقائق المغروسة في استعدادهم، فتطيب حياتهم بها.

﴿لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (١٢٧)

١٢٧ - ﴿لَهُمْ﴾ أي للمتذكرين الذين اتبعوا الصراط المستقيم ﴿دارُ السَّلامِ﴾ السلام من أسمائه تعالى، ودار السلام الجنة تنسب إليه جلّ شأنه، كما أنهم ينعمون بالسلام الروحاني في حياتهم الدنيا ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ وعدا عليه حقا ﴿وَهُوَ وَلِيُّهُمْ﴾ متولّ أمورهم وكافيهم وموفّقهم في كل ما يعنيهم ﴿بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ بما أي بسبب أعمالهم الصالحة التي قدّموها في حياتهم الدنيا، وقد ركّزت الآية على ذلك كي لا ينقطع الإنسان عن العمل والجهد، والإيمان وحده لا يكفي، فلا بدّ من العمل لأنّ السنن الكونية قائمة عليه، والآية أيضا نافية للجبر فهي صريحة بربط الجزاء بالعمل.

﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اِسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اِسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ (١٢٨)

١٢٨ - في هذه الآية عودة لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ (١٢١)﴾:

﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ﴾ المعشر: الجماعة الذين يعاشر بعضهم بعضا، ومعشر الرجل أهله، والمعنى أنه يقال يوم الحشر للذين كانوا يعاشرون عناصر الشر ﴿قَدِ اِسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ﴾ أي أضللتم وأغويتم كثيرا من الناس وجعلتموهم أتباعا لكم فحشروا معكم ﴿وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ﴾ الذين أطاعوهم وكانوا لهم أنصارا وأعوانا ﴿رَبَّنَا اِسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ﴾ استمتع

<<  <  ج: ص:  >  >>