للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترمز إلى الأخوّة بين المؤمنين باعتبارهم يتجهون إليها جميعا في الصلاة أينما كانوا ﴿مَقامُ إِبْراهِيمَ﴾ ومن ضمنها أيضا مقام إبراهيم أي مكان قيامه للصلاة والعبادة، وقيل الحرم بكامله مقام إبراهيم ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾ وهذا أيضا من جملة الدلائل، فالأمن فيه معنوي ومادّي، من يدخله يشعر بالطمأنينة والسكينة، كما أنّ منطقة الحرم وما حولها تمتعت بالأمن حتى في أيام الجاهلية وفي الوقت الذي كانت فيه باقي الجزيرة العربية تعاني من الفوضى والاضطراب والاقتتال بين القبائل، وكان الفرد في الجاهلية يرى خصمه اللدود في الحرم فيتركه بسلام، كما كانت الجزيرة العربية بأكملها تتمتع بالأمن سنويا خلال أربعة شهور حرم لا يجرؤ أحد على خرقها، ومن الدلائل التي شهدها العرب أيضا هزيمة أبرهة الأشرم عام الفيل حين جاء ليهدم الكعبة فانقلب مهزوما دون قتال ﴿وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ وهذا دليل آخر في معرض تعظيم البيت ورد بصيغة الفرض، فالعرب ما زالوا يحجّون إليه من زمن إبراهيم فذلك دليل متواتر على نسبة البيت إليه، وهو ردّ على اليهود، وبرهان أن النبي على ملّة إبراهيم ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ﴾ من كفر بأن هذا البيت أول بيت وضعه إبراهيم للعبادة، رغم كل هذه الدلائل، ولم يذعن لما فرضه تعالى من الحج، فعاقبة الكفر تعود عليه، لأنّ الله تعالى غنيّ عن عباده.

﴿قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ﴾ (٩٨)

٩٨ - بعد أن أزال تعالى شبهات أهل الكتاب فيما ادّعوه من حرمة بعض الأطعمة، واتجاه القبلة، خاطبهم بقوله ﴿قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ﴾ مع علمكم بأنّها صحيحة ﴿وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ﴾ فكيف تجرؤون على ذلك؟

﴿قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ (٩٩)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>