للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٧ - ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً﴾ فمن حكمته تعالى أن جعل العمل الصالح لازما للإيمان وسببا في تزكية النفس وإعدادها للنعيم المقيم ﴿لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ كلمة أزواج في اللغة تنطبق على الزوجين الذكر والأنثى، فهي تعني الزوج أو الزوجة، فالرجل هو زوج المرأة كما أن المرأة هي زوج الرجل، وأزواج مطهّرة أي طاهرة النفس والسريرة، انظر آية [البقرة: ٢/ ٢٥]، ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً﴾ لأن الظل عند العرب كان من أعظم أسباب الراحة فصار كناية عنها، والظليل كناية عن المبالغة العظيمة بها، والسعادة الغامرة.

﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ (٥٨)

٥٨ - ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها﴾ اتصال الآية بما قبلها أن اليهود الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ويؤمنون بالجبت والطاغوت، الآية (٥١)﴾، يزعمون في كتبهم أن غش غير اليهود جائز، وقد قال تعالى عنهم:

﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ [آل عمران: ٣/ ٧٥]، والأمانة قد تكون مادية حسية وقد تكون معنوية، والأمانات هنا تتضمن معنى الرسالات السماوية والتي ينبغي على من نزلت إليهم أن يؤدوها إلى أهلها أي يبلغوها للناس في كل العصور والأمكنة.

إذ بعد أن شرح تعالى عن أهل الكتاب أنهم يشترون الضلالة ويريدون إضلال المؤمنين، وأنهم يفترون على الله الكذب، وأنهم قالوا عن الكفار إنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلا، قال تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، أي الواجب أن تبلغوا حقائق الوحي إلى الناس ولا تكتموها، ومن باب أولى فإن هذا الأمر ينطبق على المسلمين بعد أن نزل القرآن عليهم فمن واجبهم نشر الرسالة الإسلامية، ولا يمنع انطباق المعنى أيضا على الأمانات المادية وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>