للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبهم مكتفية بما لديها من الدين والعلم ولا يحتاجون للتعلم من غيرهم ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ﴾ لا يقصدون بالكلام معناه الظاهر، بل كلمات عبرية مشابهة مبطنة بالشتيمة والتشكيك بالوحي ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاِسْمَعْ وَاُنْظُرْنا﴾ أي اسمع رأينا، وأمهلنا أيها النبي حتى نفقه حديثك ﴿لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾ من الإصرار على ضلالهم وتعنتهم ﴿وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ لأن الكفر يحجب الحقيقة عن صاحبه إذ يمنعه من التفكير الموضوعي ويعمي بصيرته فتكون النتيجة أن يحرم صاحبه من رحمة الله، انظر آية [البقرة:

٢/ ٨٨]، ﴿فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً﴾ قليلا ما يؤمنون بالصواب، لأن معتقداتهم تمحورت حول ذاتهم وظنّهم أنهم يمتازون عند الله على غيرهم من البشر، ويحتمل المعنى أيضا أنه لا يؤمن بخاتم الأنبياء والرسل المذكور في كتبهم إلا القليل منهم.

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً﴾ (٤٧)

٤٧ - ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ﴾ المخاطبون هم اليهود، وفي الآية (٤٥)﴾ وصفوا بأنهم أوتوا نصيبا من الكتاب فقط والمعنى أنهم بعد أن أوتوا الكتاب بأكمله وأصبحوا ملزمين به، أضاعوا منه الكثير، فكان خطابهم بأنهم أوتوا نصيبا منه تعبيرا عن عدم تحملهم المسؤولية ﴿آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ﴾ أي مصدّقا لما تبقي معكم من الصحيح من مبادئ الدين وأركانه ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها﴾ الطمس هو المحو، والوجوه هو التوجه، بمعنى ما يتوجه إليه المرء من المقاصد، فيكون المعنى آمنوا بما نزّلنا مصدّقا لما معكم من قبل أن نمحو توجهاتكم في الكيد للإسلام، ونردّها عليكم بنصر الإسلام وخذلانكم، أو قبل أن نخلّي بينكم وبين نفوسكم فتتخبطون في الضلال ﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ﴾ بموجب الشريعة الموسوية كان المفروض أن يكرّس اليهود يوم السبت للعبادة والراحة والامتناع عن الأعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>