للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ الخير المشار إليه هو الوحي، لأنّ الوحي هو الخير المطلق، بدليل تتمة الآية، وهم يبغضون أن ينزّل الوحي على المسلمين ﴿وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ﴾ باختيار من يشاء من الأقوام لنزول الوحي، والآية إشارة واضحة إلى إنكار اليهود والمسيحية إمكانية نزول الوحي على غيرهم من الأمم، وغرورهم بالاعتقاد أن الوحي مقتصر عليهم ﴿وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ فيختار لرسالته من يشاء وفق حكمته البالغة، انظر آية [آل عمران ٣/ ٧٣]، وآية [النساء ٤/ ٥٤] حيث وردت كلمة ﴿الْفَضْلِ﴾ بمعنى الوحي.

كما وردت كلمة «الرحمة» بمعنى الوحي أيضا في آية [آل عمران ٣/ ٧٤] وآيات [هود ١١/ ٢٨، ٦٣]،

﴿ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١٠٦)

١٠٦ - ﴿ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ هذه الآية استمرار مباشر لما سبقها، وهي إجابة على الشكوك التي حاول اليهود نشرها، إذ قالوا: ما دام القرآن والكتب السابقة منزّلة من الله فلماذا أبدل القرآن بعض النصوص والأحكام في الشرائع السابقة بأحكام جديدة؟ كما أبدوا استغرابهم من إدانة القرآن لهم لكونهم أضاعوا جزءا من كتبهم، فقد زعموا استحالة ضياع الوحي الإلهي من الكتب أو من ذاكرة البشر، وفي كل ذلك لم يكن هدفهم موضوعيا ولكن لإلقاء الشكوك حول أصالة القرآن، فالآية تقرر أنّ ما ينسخه تعالى من الشرائع السابقة وأحكامها، أو ما ينساه البشر أو يحرّفونه أو يضيعونه أو يبتكرون غيره - كما أضاعوا التوراة والإنجيل - ينزّل الله مثله أو خيرا منه في القرآن، وأنّ كل شريعة سابقة نزلت في وقتها لتناسب عصرها، إلى أن ختمت الرسالات السماوية ببعثة خاتم الأنبياء والرسل محمد الذي أرسل رحمة للعالمين جميعا وليس لأمّة بعينها، والمعنى شبيه بقوله تعالى ﴿يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>