للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسل وأمر بمكارم الأخلاق، وسخر لكم الطبيعة وجعلها لكم في أحسن تكوين، وفي عصرنا الحاضر يشمل المعنى أيضا النهي عن تلويث البيئة وتخريبها ﴿ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ إشارة إلى كل ما أمرهم به ونهاهم عنه، ويتلخص في أمرين: التوحيد، وحسن المعاملة وترك الإيذاء ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ إي إن كنتم مؤمنين حقا كما تدّعون، لأنه سبق بعث الرسل فيهم منذ زمن إبراهيم ، ولأنه مع الكفر والشرك لا ينفع شيء.

﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاُذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَاُنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ (٨٦)

٨٦ - يلاحظ روعة الإيجاز في الخطاب، فالظاهر أنه بعدما أمر شعيب قومه بالتوحيد وأظهر لهم البيّنة ونهاهم عن أكل الحقوق واستغلال الآخرين وأمرهم بكف الأذى، آمن بعض الناس برسالته، فتآمر الملأ من كبار القوم خوفا على مكاسبهم من الضياع وعلى نظامهم الفاسد من الانهيار، وصاروا يتوعّدون المؤمنين بكل السبل ويصدّون الناس عن شعيب، فوجّه شعيب خطابه إلى الملأ قائلا: ﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ أي تتوعّدون المؤمنين بالتهديد وتصدّونهم عن شريعة الله ﴿وَتَبْغُونَها عِوَجاً﴾ تخترعون لشريعة الله اعوجاجا بإلقاء الشبهات عليها واختراع العيوب والنواقص، وتشويه الدين في أعين الناس ﴿وَاُذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ﴾ اذكروا نعم الله عليكم إذ جعلكم كثيري العدد والمال، وزادكم قوة بعد أن نشأتم من ضعف وقلّة ﴿وَاُنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ اعتبروا بالأمم البائدة من حولكم كأقوام نوح وعاد وثمود وقوم لوط، وفيه أيضا إشارة لمضمون الآية (٣٤) بمجيء أجال الأمم المفسدة في وقتها.

﴿وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ﴾ (٨٧)

٨٧ - ﴿وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا﴾ الكلام استمرار لخطاب شعيب إلى الملأ المستكبرين من قومه، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>