١٦٤ - إثباتا لما ورد في الآية السابقة تشرح هذه الآية بعض الآيات الكونية الدالّة على التوحيد، وعلى رحمة الله، ومثيلاتها في القرآن الكريم كثيرة، وهي تحثّ الإنسان على استخدام العقل ودراسة العلوم والتفكير في العجائب اليومية للطبيعة، بما فيها الناتجة عن عبقرية الإنسان نفسه كالسفن التي تجري في البحر، وكلّها مؤشرات على وجود سلطة عليا مدبّرة للكون.
١٦٥ - ﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً﴾ أي رغم كل البراهين والدلائل الكونية القاطعة، ممّا هو مذكور في الآية السابقة، فمن الناس من يتّبع من دون الله أندادا، والندّ هو الذي يطلب منه ما لا يطلب إلاّ من الله ﷿، ومنهم الأحبار والأسياد والرؤساء والزعماء الذين يطيعهم البعض فيحلّون بطاعتهم ما حرّم الله، ويحرّمون ما أحلّ الله، أو يعتمدون عليهم في دفع المضار وجلب المنافع متوهّمين فيهم السلطة الغيبية، أو يتّبعون رؤساهم لارتباط مصالحهم الدنيوية بهم في المادة والجاه ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ﴾ يحبّون الانقياد لهم والتقرب إليهم، كحبّ المؤمنين لله ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ﴾ وليس للأنداد ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ﴾ وجواب (لو) محذوف: أي لعلموا أنّ أسيادهم عاجزة لا تنفعهم.
١٦٦ - ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا﴾ تنصّل الزعماء من أتباعهم، كما هو مفصّل في آيات [الأعراف ٧/ ٣٨ - ٣٩]، ﴿وَرَأَوُا الْعَذابَ﴾ الذي نتج عن