للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٠ - ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً﴾ دع معاشرتهم وملاطفتهم، ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم، ولا تقم لهم وزنا، وليس المراد ترك تذكيرهم ومحاجّتهم، بدليل قوله ﴿وَذَكِّرْ بِهِ﴾ في تتمة الآية، ومعنى اتخذوا دينهم لعبا ولهوا أنهم يستغلون الدين أو يتسترون به للتوصل إلى مآربهم الدنيوية من مال وجاه وزعامة، أو كأن اللعب واللهو صار دينا لهم ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا﴾ وذلك سبب إعراضهم عن حقيقة الدين، بل اتخاذه وسيلة للوصول إلى مآربهم الدنيوية ﴿وَذَكِّرْ بِهِ﴾ أي بالدين أو بالقرآن، أو بالميثاق الفطري [الأعراف:

٧/ ١٧٢]، ﴿أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ﴾ كراهة أن تصبح النفس في الآخرة، رهينة بما كسبت من الإثم في الدنيا ﴿لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ يوم الحساب ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها﴾ مهما تابت بعد فوات الأوان لا تقبل منها توبتها، أو تودّ لو تعود إلى الدنيا فتفتدي لخلاصها بكل ما يمكن، فلا يقبل منها ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا﴾ صاروا رهينة لما كسبوا من الآثام، فصارت سبل الخلاص مسدودة عليهم ﴿لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ﴾ «بما» تفيد التلازم والارتباط بين الكفر وعذاب الآخرة.

﴿قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اِسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى اِئْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ﴾ (٧١)

٧١ - الآيات (٧١ - ٧٣) تشرح كيف يكون التذكير المشار إليه في الآية السابقة:

﴿قُلْ﴾ أيها النبي - وأيها المسلم - للمشركين والكفار الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا - المشار إليهم آنفا - ﴿أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا﴾ كالأصنام والأولياء والأضرحة والزعماء والرؤساء، وحيث الدعاء هو العبادة،

<<  <  ج: ص:  >  >>