١٣١ - ﴿ذلِكَ﴾ وهو ما تقدّم من بعثة الرسل وإنذارهم الناس بسوء العاقبة إن لم يؤمنوا ويعملوا صالحا ﴿أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ﴾ أي بظلم منها ﴿وَأَهْلُها غافِلُونَ﴾ عن الحقيقة، فلا يترك لها عذرا بالجهل أو الغفلة، أي الله تعالى لا يهلك المجتمعات الظالمة ولا يعاقبها على ظلمها وإفسادها، قبل أن يبعث إليها الرسل ويبيّن لها الخطأ من الصواب، ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: ١٧/ ١٥].
١٣٢ - ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ فيكون حساب كلّ فرد بحسب عمله الذي قام به واعيا مختارا، لأن الثواب والعقاب مترتّبان على سلوك المرء مختارا في الحياة الدنيا، ودرجات عمله من خير أو شر ﴿وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ﴾ فيحاسبهم بما يختارون من السلوك والعمل.
١٣٣ - ﴿وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ﴾ غنيّ عن عباده وعن طاعتهم وأعمالهم ﴿ذُو الرَّحْمَةِ﴾ وهو في نفس الوقت رحيم في تكليف العباد وفي ثوابهم وعقابهم، وفي إمهالهم على المعاصي إلى ما شاء ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ كما أهلك الأمم من قبلكم، وهي سنته تعالى بأن تندثر الأمم التي تتفسخ ويستشري فيها الفساد ﴿وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ﴾ من الأمم فيكونوا خيرا منكم ﴿كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ﴾ نشأتم على أنقاضهم.
﴿إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ (١٣٤)
١٣٤ - ﴿إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ﴾ الذي توعدونه من البعث والحساب، والثواب والعقاب في الآخرة، واقع لا محالة، وذلك غير الهلاك والعذاب الدنيوي