للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٣ - ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ﴾ جنات النعيم الدائم ﴿يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ﴾ الزوج في اللغة يشمل الذكر والأنثى، فالمرأة زوج الرجل، والرجل زوج المرأة، كما أن الآباء تجمع الأبوين الأم والأب، والأجداد والجدات، كما في قوله تعالى: ﴿كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ﴾ [يوسف ٦/ ١٢]، والآية تبين أن الأنساب لا تنفع إذا تجردت من الصلاح ﴿وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ﴾ فتنزل السكينة عليهم، وقالوا إن الأبواب كناية عن أبواب البر، فتقول الملائكة لهم:

﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ﴾ (٢٤)

٢٤ - ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ بشارة بالأمن والطمأنينة والصفاء ﴿بِما صَبَرْتُمْ﴾ بنتيجة صبركم في الدنيا على المكاره في السراء والضراء وحين البأس والعمل في سبيل الله ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ﴾ جنة الله أعدها لكم.

﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ﴾ (٢٥)

٢٥ - بعد أن ذكرت السورة صفات من يتذكّر من أولي الألباب ومآلهم في جنات عدن، (الآيات ٢٠ - ٢٤)، أتبعتها بالمقابل بذكر أحوال عمي القلوب المذكورين بالآية (١٩)﴾ - ومآلهم في الآخرة: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ﴾ قال الرازي إن عهد الله هو ما ألزم عباده بواسطة الأدلة العقلية والسمعية، فيكون المراد من نقض هذه العهد ألاّ ينظر المرء في الأدلة أصلا، فحينئذ لا يمكنه العمل بموجبها، أو أن ينظر فيها ويعلم صحتها ثم يعاند فلا يعمل بعلمه بها، أو أن ينظر في الشبهة فيعتقد خلاف الحق ﴿وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ يقطعون كل من له حق من ذوي الرحم وغيرهم، ويتراجعون عن التزامهم التعاقدي مع الناس بعد عهدهم الموثق معهم، فلا يحترمون كلمتهم وعهودهم مع الآخرين ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بالظلم في النفوس والأموال وتخريب البلاد مستغلين إمكاناتهم ومواقعهم بإفساد الوضع

<<  <  ج: ص:  >  >>