ورد بصيغة المفرد وفي هذه الآية وردت «السيئات» بصيغة الجمع، والمعنى أنّ من كانت حياته كلها سيئات لا تقبل توبته إذا حضره الموت ﴿وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفّارٌ﴾ الذين يعملون السيئات ويسوّفون توبتهم إلى حضور الموت هم مثل الكفار الذين يموتون على الكفر لأن كل واحد منهما يكون قد تجاوز أوان التكليف وفاته الاختبار وقت حضور الموت ﴿أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾ كنتيجة طبيعية لما كانوا عليه في دنياهم.
١٩ - استمرار الخطاب في حقوق النساء: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً﴾ حرّم تعالى وراثة نكاح النساء، وهو ما كان عليه الناس في الجاهلية، فكان الرجل منهم إذا مات وترك امرأة ورثها بعض أقاربه كما يورث المتاع يتصرّفون بهن كيف يشاؤون يتزوجها الوارث أو يزوّجها غيره، ولفظ كرها، بمعنى الإكراه أو الكره، ليس قيدا أو شرطا وإنما هو بيان للواقع الذي كانوا عليه، والمعنى أيضا لا يحل لكم أن ترثوا أموال النساء بأن تمسكوهنّ ضرارا على كره منهنّ حتى يمتن فترثوهنّ ﴿وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ العضل هو التضييق والمنع والشدة، ومنه الداء العضال، فيكون العضل في هذه الحالة أن يلجأ الزوج إلى الإضرار بزوجته إذا كرهها فيحبسها ويشدد عليها حتى تفتدي نفسها منه بأن تدفع له من مهرها أو ممّا قد يكون أعطاها ﴿إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ الفاحشة في هذا المعنى هي الزنا، وقيل أيضا النشوز وسوء العشرة، كأن تستعصي المرأة على زوجها وتبغضه وتفحش له القول فيحق للرجل عندئذ أن يطلب منها الخلع حتى يأخذ منها ما أعطاها من المهر ﴿وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ الإحسان في عشرة النساء ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾ لعيب أو سبب ما ممّا لا يعتبر ذنبا لهنّ فاصبروا ولا تعجلوا