﴿الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة ٣٠/ ٢]، ومن جهة ثانية يلاحظ عودة الخطاب من صيغة المثنّى إلى الجمع، فيتصل الخطاب مع الآية (١٠) وأوّل الآية (١١) من هذه السورة، لكون آدم وزوجه رمز للبشرية جمعاء ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ وهي العداوة في ذرية آدم، وقيل بل العداوة بين الشيطان وبني آدم ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ لكم استقرار في الأرض ومتاع تتمتعون به في حياتكم إلى حين تنتهي أعماركم، وهنالك إشارة ثانية لهذا المعنى بالآية (٣٤).
٢٦ - ﴿يا بَنِي آدَمَ﴾ خطاب للناس كافة ﴿قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ﴾ ما يستر العورة، والمراد بالإنزال أنه تعالى خلق لهم مادته من صوف وحرير وقطن وغيره، وعلمهم الزراعة والنسج والخياطة، وفي روح المعاني أنه كناية عن لباس الشريعة، ويواري السوآت بمعنى أنه يمنعهم من ارتكاب القبائح والفواحش ﴿وَرِيشاً﴾ وهو لباس الزينة، وسمّي ريشا استعارة من ريش الطيور، وقيل أيضا أنّ الريش والرياش هو المال والمتاع والخصب والمعاش، ومنه تريّش الرجل أي تموّل ﴿وَلِباسُ التَّقْوى﴾ أي الورع وخشية الله، وسمّاه لباس مجازا ﴿ذلِكَ خَيْرٌ﴾ لباس التقوى خير لصاحبه ﴿ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ﴾ إنزال اللباس والمتاع ووسائل العيش من ضمن آيات الله الكثيرة ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ لعلهم يذّكرون نعمه تعالى عليهم فيتّعظون، ويشكرون بالقول والعمل.