للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (١)

١ - ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ استمرار الخطاب من آية [الأنفال ٧٥/ ٨]، أي على النقيض من كون المؤمنين المهاجرين المجاهدين هم من جماعة المسلمين، فهذه براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فنقضوا عهودهم، ذلك أن النبي لمّا خرج إلى غزوة تبوك وتخلف عنه المنافقون وأشاعوا الشائعات، جعل المشركون ينقضون عهودهم، فنزلت سورة براءة بنبذ العهد إليهم بعد حملة تبوك، والخطاب في قوله ﴿عاهَدْتُمْ﴾ عائد إلى المؤمنين، بمعنى أنّ الله ورسوله قد برئا من عهود المؤمنين مع المشركين الذين نقضوا عهودهم، وهذه البراءة أعلنت لهم في حج عام ٩ للهجرة، الآية (٣)، راجع الخلفية التاريخية أعلاه.

﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاِعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ﴾ (٢)

٢ - ﴿فَسِيحُوا﴾ أيها المشركين، أي اذهبوا في الأرض حيث شئتم، فأنتم آمنون من القتل والقتال في مهلة أربعة أشهر، وأصل الفعل من السياحة، وهي السفر في الأرض بعيدا مع ما كان يتطلبه ذلك في زمانهم من الإقلال من الطعام والشراب، ولذا قيل للصائم سائح، لأنه يشبه السائح عندهم في تركه الطعام والشراب ﴿فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ وهي مهلة ناقضي العهد من المشركين، أي إن الله تعالى قد أجّلهم تلك المدة، فمن كانت مدة عهده أكثر من أربعة أشهر نقصت إلى الأربعة، ومن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر زادت إلى الأربعة، وللمشركين خلال هذه المدة أن يتفكروا ويحتاطوا لأمرهم، ولهم بعدها أن يختاروا إمّا الدخول في الإسلام، أو قتال المسلمين، أو مغادرة الجزيرة العربية، لأن جزيرة العرب يجب أن تكون خالصة للمسلمين دون غيرهم، راجع شرح آية [الأنفال ٥٦/ ٨]، والمدة بدأت من عاشر ذي الحجة عام ٩ للهجرة، وقت إعلان البراءة للمشركين في الحج، وانتهت في عاشر ربيع الثاني من عام ١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>