للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (٢٦١)

٢٦١ - بعد أن بيّن تعالى موضوع الإيمان في الآيتين السابقتين أتبع في هذه الآية بذكر الإنفاق، لأن الإيمان اليقيني والعمل الصالح لا ينفك أحدهما عن الآخر:

﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ الإنفاق في سبيل الله يشقّ على الكثير من النفوس، فعلّمهم تعالى أنّ ما ينفقونه في المصالح العامة مفيد لهم في دنياهم وآخرتهم، وقد ذكر في الآية (٢٤٥) أنّ الإنفاق في سبيل الله بمنزلة إقراضه تعالى، ووعد بمضاعفته أضعافا كثيرة، ثم ذكر هنا سبع مئة ضعف تعبيرا عن الكثرة وليس تحديدا لها، ولذلك قال ﴿وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ﴾ فيزيده زيادة لا تقدّر ﴿وَاللهُ واسِعٌ﴾ لا ينحصر فضله ولا حدود لعطائه ﴿عَلِيمٌ﴾ بمن يستحق المضاعفة من المخلصين، ومن الواضح أنّ آثار النفقات تظهر آثارها مباشرة في قوة الدين وانتشاره، وسعادة المسلمين، وازدهار مؤسساتهم الدينية والإجتماعية والصحية.

﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٢٦٢)

٢٦٢ - ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً﴾ المنّ في الأصل هو النقص لأنّه ينقص النعمة، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ [القلم ٦٨/ ٣] أي غير منقوص وغير مقطوع، ومنه سمّي الموت منونا لأنّه ينقص الأعمار، ظاهريا، أو يقطعها، والمعنى أنّ المنّ، وهو أن يذكر المحسن تفضّله على من أحسن إليهم، ينقص الأجر أو يبطله، وكذلك الأذى، وهو مباهاة المرء بإحسانه أمام الغير، لأنّ الإنفاق إن كان خالصا لوجه الله فلا معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>