شركاء ﴿فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ﴾ فرّقنا بين المشركين وبين من جعلوهم شركاء لله، كناية عن زيف الروابط التي كانت بينهم ﴿وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ﴾ الذين زعموا فيهم الألوهية، أو من زعموا أنهم فوق البشر، أو اعتقدوا فيهم الوساطة أو الشفاعة، أو الذين ادّعوا الزعامة والجبروت والسلطة الدائمة ﴿ما كُنْتُمْ إِيّانا تَعْبُدُونَ﴾ تبرأ المعبودون من العابدين، والمعنى إنّ عبادتكم لم تكن لنا في الحقيقة، ولكن كنتم تعبدون أوهامكم الناتجة من التقليد الأعمى، وتعبدون مصالحكم الدنيوية، وشهواتكم، وزعاماتكم،
٢٩ - تتمة خطاب المعبودين للعابدين: ﴿فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ﴾ فهو العليم بحالنا وحالكم ﴿إِنْ كُنّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ﴾ كنّا في غفلة عن عبادتكم لنا، لا نكترث لها، ولم نطلبها منكم، ونتبرأ منها، بل كنّا نسخر منها ومنكم،
﴿هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ (٣٠)
٣٠ - ﴿هُنالِكَ﴾ في ذلك الموقف، أو في ذلك المقام، وهو مقام الحشر، لأن الخطاب تتمة لما قبله، (الآيات ٢٧ - ٢٨ - ٢٩) ﴿تَبْلُوا﴾ تختبر ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ مؤمنة وكافرة ﴿ما أَسْلَفَتْ﴾ ما قدّمت من عمل في الدنيا، وتتحقق أن ما عملت من خير فعاقبته خير، وما عملت من شر فعاقبته شرّ، والمغزى أن عاقبة الإنسان نتيجة طبيعية لما قدّم من عمل ﴿وَرُدُّوا إِلَى اللهِ﴾ إلى ثوابه وعقابه ﴿مَوْلاهُمُ الْحَقِّ﴾ الحق في ألوهيته، وليس ما اتخذوه باطلا في دنياهم ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ﴾ ذهب وضاع ﴿ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ ما كانوا يختلقون من الأوهام، ومن الآلهة، والمؤلّهين، ومن الشفعاء والأولياء والزعماء.