بني آدم حرية الخيار، انظر آية [الشعراء: ٢٦/ ٤]، ﴿وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ﴾ بعد إيمانهم بالرسل أنكروا بعثة محمد ﷺ مكابرة وعنادا، رغم أنّهم شهداء على ما ورد في كتبهم من البشارات بقدومه، وبعد أن ظهرت لهم الدلائل البيّنة على بعثته، انظر أيضا الآيات (٧٠ و ٨١) أعلاه ﴿وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ لا يجبرهم على الهداية، والظلم بمعنى العدول عن الطريق الصحيح، وقد مضت سنته تعالى بأنّ الظالم لنفسه لا يهتدي إلى الحقيقة.
٨٧ - ﴿أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ﴾ لعنة الله هي الإقصاء والبعد ﴿وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ لعنة الملائكة والناس هي دعاؤهم على الكافرين، والمقصود بالناس المؤمنون منهم في الحياة الدنيا، ثمّ في الآخرة يلعن الكفار بعضهم بعضا لقوله تعالى: ﴿كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها﴾ [الأعراف ٧/ ٣٨].
﴿خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ (٨٨)
٨٨ - ﴿خالِدِينَ فِيها﴾ أي في اللعنة ﴿لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ﴾ فما تكيّفت به نفوسهم الظالمة لا يفارقهم ﴿وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ أي لا يمهلون، والإنظار والإمهال بالمعنى نفسه.
٨٩ - ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أصلحوا أي قاموا بصالح الأعمال، أو أصلحوا نفوسهم بالأعمال الصالحة، وقد عطف تعالى العمل الصالح على التوبة لأنّ التوبة لا قيمة لها إن لم يكن لها أثر في العمل.