٥٦ - ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ﴾ وقد حصل ذلك في الدنيا بتشتيت اليهود وتسليط الأمم عليهم منذ طردهم الروم من فلسطين والقدس عام ٧٠ ميلادية، فكان ذلك بداية عصر الشتات لهم، انظر الآية (١١٢)، ثم عذاب الآخرة أخزى لهم من عذاب الدنيا.
٥٧ - ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ إما في الدنيا، وهذا الأمر مطّرد في الأمم وليس بالضرورة في الأفراد، وإما في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط ﴿وَاللهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ﴾ أي الظالمين لأنفسهم بالخروج عن الفطرة وبالكفر بالأنبياء.
٥٨ - ﴿ذلِكَ﴾ أي ما تقدم من نبأ عيسى ويحيى وزكريا وغيرهم ﴿نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ﴾ آيات القرآن وهي العلامات المبرهنة على الرسالة ﴿وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ﴾ الحكيم لكون القرآن ينطق بالحكمة، وأيضا بمعنى المحكم، لأنّ فعيل بمعنى مفعل وهو شائع في اللغة، أي في منتهى الإحكام والإتقان.
٥٩ - ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ﴾ الآية جواب على ادعاء ألوهية عيسى عند المسيحية والمعنى أنّ خلق عيسى على غير المعهود من اتصال الذكر بالأنثى لا يستلزم كونه إلها لأنّ آدم، والمقصود به الجنس البشري خلق من تراب، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ﴾ [المؤمنون: ٢٣/ ١٢ - ١٣].
﴿ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ «القول» لتقريب الفهم إلى أذهان السامعين وهو كناية عن مقدرته تعالى بلا حدود، واستعمال الفعل المضارع في كلمة (يكون) إشارة إلى استمرار معجزة الخلق في الإنسان.