للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهنيا من فكرة البعث والحساب كي يتصرّفوا في الدنيا على هواهم بلا أي وازع أخلاقي.

ثم إنّ الترف يؤدي بأصحابه إلى الظن أن نجاحهم المادي هو بحد ذاته دليل قاطع أنهم على صواب: ﴿وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها إِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ * وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ (٣٤ - ٣٥)، وقد يظنّون أن النعم التي يتمتعون بها دليل على رضا الله عنهم، في حين أن الله تعالى يبسط الرزق للمؤمن والكافر على السواء: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٣٦)، وقد ينتهي بهم الضلال أن يصبحوا عبيدا للمادة والقيم الزائفة: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ * قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ (٤٠ - ٤١)، بل يعتذرون بتقليد الآباء والأجداد: ﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (٤٣)، مع أنه ليس لديهم من الكتب السماوية ما يؤيد دعواهم ومزاعمهم: ﴿وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ (٤٤).

وأن ما نزل من الوحي على الأمم السابقة لم يبلغ معشار ما نزل في القرآن الكريم على البشرية ما لا يترك لأحد عذرا بالجهل: ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ (٤٥).

﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ (١)

١ - ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ﴾ على نعمائه ﴿الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ ملكا وتصرّفا، بالإيجاد والإحياء والإماتة، لجميع ما وجد في

<<  <  ج: ص:  >  >>