للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلاحظ أنّ الآية ميّزت بين الجنات وما فيها من نعيم وهو الثواب الحسّي، وبين رضوان الله: ﴿وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ﴾ وهو الثواب الروحاني ﴿وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ﴾ بصير بمن اتّقى حقّا.

﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النّارِ﴾ (١٦)

١٦ - ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النّارِ﴾ وهم أهل التقوى المشار إليهم في الآية السابقة تفيض ألسنتهم بهذا الدعاء لشدة تأثرهم، وهم الموصوفون في الآية التالية بالصبر والصدق والطاعة والإنفاق والقيام:

﴿الصّابِرِينَ وَالصّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ﴾ (١٧)

١٧ - ﴿الصّابِرِينَ﴾ في أداء الواجبات وترك المحظورات، والصابرين في المحن والشدائد وهم راضون بقضاء الله ﴿وَالصّادِقِينَ﴾ في أقوالهم وفي عملهم بأن تكون أعمالهم مصداقا لأقوالهم ﴿وَالْقانِتِينَ﴾ المواظبين على الخشوع والدعاء أي على روح العبادة ﴿وَالْمُنْفِقِينَ﴾ في جميع الطرق المشروعة والواجبة والمستحبّة من الزكاة والصدقات والبر ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ﴾ دلالة على أنّهم يصلّون ويستغفرون وقت السحر أي في قلب الليل، وقيل إن السحر معناه الصدر أو القلب فيكون المقصود هو الاستغفار بالقلوب وليس باللسان فقط.

﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (١٨)

١٨ - ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ﴾ شهادته تعالى من قبيل المجاز لأنّ ما أوجده من الدلائل في الخلق وفي الأنفس وما أنزل من الوحي على الرسل مؤيّدا بالبراهين كل ذلك يدلّ على التوحيد ﴿وَالْمَلائِكَةُ﴾ أقرّوا بالوحدانية وشهدوا بها للأنبياء ﴿وَأُولُوا الْعِلْمِ﴾ أصحاب العلم أقرّوا وآمنوا إيمانا مقرونا بالدلائل والحجج ﴿قائِماً بِالْقِسْطِ﴾ القسط هو العدل، وهو ظاهر في السنن الكونية

<<  <  ج: ص:  >  >>