للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغائب بكلمة «أخيه» تعود إلى القاتل، أما الأخ نفسه فهو القتيل، أو ولي أمره من عائلته، ويمكن أن يكون شخصية معنوية مجسّدة بالمجتمع في جهازه الإداري والقانوني، وهو المحامي العام، وبالتالي فإنّ عبارة ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ تشير إلى احتمال الظروف المخفّفة، إذا كان القتل خطأ أو بسبب استفزاز أو دفاع عن النفس … إلخ وفي مثل هذه الحالات لا يلزم قتل القاتل وإنّما يكتفى بتغريمه ديّة القتيل كما نصّت الآية (٩٢) من سورة النساء ﴿فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ الظروف المخففة يجب أن تتبع بالمعروف، أو المطالبة تكون بالمعروف ﴿وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ﴾ تسديد الدية يجب أن يتمّ دون مماطلة، ثم إبراء ذمة القاتل من قبل وليّ المقتول ﴿ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ في هذه الحالات ﴿فَمَنِ اِعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ من اعتدى بعد أن تتم التسوية فله عذاب أليم، في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا لقوله : «لا أعفي من قتل بعد أخذه الدية» أي إنّ ولي المقتول إذا أخذ الدية ثم قتل غريمه بعد ذلك فيطبّق عليه القصاص، وله عذاب أليم في الآخرة لقوله تعالى ﴿فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾.

﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (١٧٩)

١٧٩ - ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ﴾ لأن خوف القصاص في ذاته رادع عن القتل فيكون في ذلك حياة الجميع، والمغزى أنّ القصد من القصاص ليس الانتقام وإنّما المحافظة على حياة الأفراد وأمن المجتمع ﴿يا أُولِي الْأَلْبابِ﴾ ذوي التفكير السليم والعقل الكامل ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ لعلكم تتقون الاعتداء وتكفّون عن سفك الدماء، وتتقون الفوضى الاجتماعية.

﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ (١٨٠)

١٨٠ - يلاحظ التسلسل المحكم في سياق الآيات بدءا من آية التوحيد (١٦٣)﴾ وما يتبعها من شرح له، وما يترتب عليه من أمور عملية كالبر والتقوى

<<  <  ج: ص:  >  >>