آن واحد، وهو تناقض يستحيل على العقول والأفهام ﴿إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ أي تنزّه تعالى عن مشابهة البشر في أن يكون له ولد، وفي كتب اليهود تكرر استخدام تعبير ابن الله بالمعنى المجازي، كما يقال الخلق كلهم عيال الله، ولكن النصارى أساؤوا استخدام التعبير، ولذلك أدانه القرآن الكريم ﴿لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ والمسيح من جملتها ﴿وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً﴾ أي به الكفاية لمن عرفه، وعرف سننه في خلقه، ووكّل إليه أمره.
١٧٢ - ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ يستنكف أي يمتنع أنفة، والمعنى أن الملائكة المقرّبين لا يمتنعون أن يكونوا عبيدا لله، فكيف بالمسيح ابن مريم؟ ﴿وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً﴾ جميع الخلق محشورون إليه تعالى في كل الأحوال، فيجازي كلاّ بعمله.
١٧٣ - ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ على إيمانهم وقيامهم بصالح الأعمال ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أضعافا مضاعفة فوق ما يستحقون ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ اِسْتَنْكَفُوا وَاِسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾ المعنى أنه تعالى يجازي المحسن بالعدل والفضل، وأما المسيء فيجازيه بالعدل فقط لأن رحمته تعالى سبقت غضبه ﴿وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً﴾ لا يجدون من يتولّى أمورهم يوم القيامة غيره تعالى، ولا نصيرا يدفع عنهم العذاب.