١١٠ - بعد أن ذكرت الآيات (١٠٦ - ١٠٩) حال من أكرهوا على الكفر وقلوبهم مطمئنة بالإيمان، وحال من كفر وقلبه منشرح لمكاسب الدنيا، تذكر هذه الآية حال من يضطر للهجرة بسبب الاضطهاد الدين:
﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا﴾ الفتنة هنا بمعنى الوقوع تحت الاضطهاد الديني مما اضطرهم للهجرة، انظر أيضا شرح آية [الأنفال ٢٥/ ٨] في تعريف الفتنة، وقد يكون أنهم هاجروا هجرة روحية، وليس بالضرورة هجرة مكانية ﴿ثُمَّ جاهَدُوا﴾ ليس بالضرورة جهادا قتاليا، ولكن جهاد دعوة وإقناع بالحجة والقدوة الحسنة، لقوله تعالى: ﴿فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ﴾ أي بالقرآن ﴿جِهاداً كَبِيراً﴾ [الفرقان ٥٢/ ٢٥]، ﴿وَصَبَرُوا﴾ على مشاق الدعوة ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يغفر ذنوبهم، ويرحمهم، ويلطف بهم،
﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ (١١١)
١١١ - فارتقبوا أيها الناس: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها﴾ يوم القيامة حيث المسؤولية فردية ﴿وَتُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ﴾ إن خيرا بخير، بفضله تعالى وامتنانه، أو شرا بشرّ مترتبا على العدالة، وليس على الانتقام ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ لأن الله تعالى غير محتاج لظلم عباده،