١٤٦ - ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا﴾ عن النفاق والغيبة والنميمة والكذب والافتراء والخيانة والمراءاة وتولي الكفار من دون المؤمنين، وفي الحديث:«ثلاث من كنّ فيه فهو منافق، وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان»، ﴿وَأَصْلَحُوا﴾ سرائرهم، وقاموا بصالح الأعمال ﴿وَاِعْتَصَمُوا بِاللهِ﴾ أي تمسّكوا بهدي كتاب الله ﴿وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلّهِ﴾ فتكون أعمالهم خالصة لله وحده طلبا لمرضاته لا لمرضاة العباد ﴿فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي إذا قاموا بالشروط الأربعة المذكورة فيلحقهم تعالى بالمؤمنين ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾.
١٤٧ - ﴿ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ﴾ فليس هذا هو المقصود من خلق الإنسان ﴿إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ وهو الشكر بمعناه العام الذي يتبعه الإيمان، لأن من يشعر بوجوب الشكر على نعمة الوجود والحياة والروح لا بد أن يتوصل إلى نتيجة لازمة، وهي أن نعمة الحياة ليست مصادفة، وبالتالي أن الخلق ليس عبثا ﴿وَكانَ اللهُ شاكِراً﴾ موفيا أجوركم مثيبكم عليها ﴿عَلِيماً﴾ بحق شكركم وإيمانكم.
١٤٨ - بعد أن ذكر تعالى مثالب المنافقين، أتبعه بإيضاح الجهر بالسوء في أمثالهم:
﴿لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ﴾ أي إنه تعالى لا يحب إظهار فضائح وقبائح الناس، فلا يجوز إظهار الأحوال المستورة المكتومة، منعا لانتشار الرذائل والغيبة، ووقوع البعض في الريبة، إلا في حق من وضح ضرره واشتدّ كيده ومكره، فعندئذ يجوز إظهار فضائحه، لأن المظلوم في هذه الحالة لا