للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العديدة المعنوية والحسية وإلقائه الرعب في قلوب الكفار لم يكن كافيا لنصرهم على المشركين بقتل سبعين منهم وأسر سبعين حتى كان ألف من الملائكة يقاتلون معهم، فأي مزية لأهل بدر فضّلوا بها على سائر المؤمنين، وكيف تعارض البينات النقلية والعقلية؟ وكيف يقال إنّ السبعين الذين قتلوا من المشركين لم يمكن قتلهم إلاّ باجتماع ألف من الملائكة مع المسلمين الذين خصهم الله بأسباب النصر المتعددة؟ إن في هذا تعظيم شأن المشركين وتصغير شأن أفضل الصحابة وأشجعهم بما لا يصدر عن عاقل" (المنار)، وقال الرازي:

الملائكة لم تشترك في القتال وإنما كانوا يثبتون المؤمنين، وإلاّ فملك واحد كاف في إهلاك الدنيا كلها، والدليل على صحة أن الملائكة لم تشترك في القتال قوله تعالى ﴿وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاّ بُشْرى﴾ فالضمير عائد إلى الإرداف، والتقدير: ما جعل الله الإرداف بالملائكة إلاّ بشرى، وذلك ينفي إقدامهم على القتال.

﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ (١٣)

١٣ - ﴿ذلِكَ﴾ ذلك الضرب للكفرة فوق الأعناق، وضرب كل بنان، وهزيمتهم ﴿بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ بسبب أنهم فارقوا أمر الله ورسوله وعصوهما، والشقاق بمعنى أنهم صاروا في شق غير شق المؤمنين، والمشاقة أيضا العداوة، لأن كلاّ من المتعادين يكون في شق غير الآخر ﴿وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ في الدنيا، كعقاب المشركين يوم بدر، وذلك غير عذاب الآخرة للمصرّين على الكفر، كما سيرد في الآية التالية:

﴿ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النّارِ﴾ (١٤)

١٤ - ﴿ذلِكُمْ﴾ وهو المعجّل من القتل والأسر والهزيمة والخزي في الدنيا ﴿فَذُوقُوهُ﴾ سمّته الآية ذوقا لكونه يسيرا قياسا بالخزي العظيم في الآخرة ﴿وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ﴾ المصرّين على الكفر ﴿عَذابَ النّارِ﴾ في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>