٤٣ - ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ﴾ كيف يحكّمونك؟ ولم يسبق لهم أن احتكموا إلى التوراة الصحيحة! وفيها أحكام شريعتهم كما نزلت على موسى ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ﴾ فقد تولّوا عن التوراة بعد أن نزلت عليهم، فكانوا وأجدادهم يحرّفون الكلم من بعد مواضعه فيما لا يطابق أهواءهم ﴿وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ فلو كانوا مؤمنين حقا لقبلوا التوراة الصحيحة بكاملها، ولكنهم تلاعبوا ويتلاعبون بالوحي الذي نزل عليهم، ويكتبون من عندهم، ويرفضون الوحي الذي نزل على غيرهم، لأنهم لا يريدون الإيمان إلاّ بما يطابق هواهم، فقد اختاروا الضلال على علم منهم، وليس عن جهل.
٤٤ - ﴿إِنّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ﴾ ذكر الرازي أن الهدى هو بيان الأحكام والتكاليف والشريعة الكاملة، والنور هو بيان التوحيد والنبوّات والآخرة ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾ هم أنبياء بني إسرائيل ابتداء بموسى ومن بعده من أنبيائهم - وهم كثر - حتى بعثة عيسى المسيح ﵈، وأسلموا بالمعنى العام لأن جميع الأنبياء كانوا مسلمين، أي أسلموا وانقادوا وأذعنوا لله على ملة إبراهيم ﵇، ولأنّ أنبياءهم لم يكونوا موصوفين باليهودية أو المسيحية أصلا، وإنما جاءت هذه الأوصاف بعدهم، انظر شرح الآيات (١٣ - ١٤).
﴿لِلَّذِينَ هادُوا﴾ وهم اليهود، والمعنى أن أنبياء بني إسرائيل كانوا يحكمون لليهود بما في التوراة، لأن شريعة التوراة خاصة بهم دون غيرهم ﴿وَالرَّبّانِيُّونَ﴾