٦٧ - ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ كفار قريش ﴿أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً﴾ يلوذون به آمنين، فلا يجرؤ أحد من العرب على الإغارة عليه، أو الاعتداء على من فيه، مما يحقق لهم الطمأنينة والسلام الداخلي، ومما هو جدير أن يحفزهم للإيمان ببعثة النبي ﷺ ﴿وَيُتَخَطَّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ تسود الفوضى والاقتتال خارج الحرم بين قبائل العرب ﴿أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ﴾ يعبدون الأوثان ويتقرّبون إليها ﴿وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ﴾ يكفرون بما آتاهم الله تعالى من الأمن والأمان في ديارهم، وبما ساق إليهم من الأرزاق في مواسم الحج والعمرة، ومن ثمّ يكفرون ببعثة النبي ﷺ، كما سوف يرد بالآية التالية:
٦٨ - ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ بأن جعل له شركاء من الأوثان والأوهام ﴿أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُ﴾ كذّب ببعثة النبي أحمد خاتم الأنبياء والرسل ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ﴾ نتيجة طبيعية لإصرارهم على الكفر، وعمايتهم عن الهدي الإلهي.
٦٩ - ﴿وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا﴾ في شأننا، وفي سبيلنا، ومن أجلنا، ولوجهنا خالصا، وليس أكبر من جهاد النفس، أما الجهاد القتالي في القرآن فهو مختص بالدفاع فقط، وليس بالعدوان، والجهاد أيضا مختصّ بالدعوة إلى الله بالحكمة وبالموعظة الحسنة وبالمجادلة بالتي هي أحسن، لمن هم أهل لذلك، انظر [النحل ١٢٥/ ١٦]، والآية (٤٦)﴾، ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا﴾ هؤلاء نزيدهم هداية إلى سبل الخير وتوفيقا لسلوكها، ما يدل أن هنالك أكثر من سبيل للهداية، وأكثر من سبيل لمعرفة الله ﷿ ﴿وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ الذين يتوخّون الإحسان في كلّ شيء، وفي كل عمل يقومون به، أن يكون على أحسنه.