وهنا تعود السورة لموضوع الآية (٤) بأن علم الإنسان بالآخرة من أمور الغيب التي لا يستطيع إدراكها، حتى إنّ بعض الناس في شك منها، وبعضهم الآخر ينكرها لكونهم عمون عن حتميتها المنطقية، إذ يتعامون عن مسؤوليتهم الأخلاقية وعن الخيار الأخلاقي الحر الذي يتمتعون به ويتهربون منه بالنظر لما يترتّب عليه من حساب: ﴿بَلِ اِدّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ﴾ (٦٦)، بل إن استغراقهم في مادية الدنيا سوف يكون نذيرا بهلاكهم: ﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ﴾ (٨٢)، لكن حسابهم في الآخرة مترتب ليس فقط على تكذيبهم بآيات الآفاق والوحي، بل لعدم بذلهم المجهود الكافي لفهم الآيات والإحاطة بعلومها، ولإضاعتهم العمر فيما لا يجدي: ﴿حَتّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٨٤)،
﷽
﴿طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ﴾ (١)
١ - ﴿طس﴾ الله أعلم بمراده، انظر [البقرة ١/ ٢]، ﴿تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ﴾ في هذه السورة، ﴿وَ﴾ هو ﴿كِتابٍ مُبِينٍ﴾ عن الحق.
﴿هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٢)
٢ - ﴿هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ القرآن الكريم يفيد الذين لديهم استعداد للإيمان، فهو لهم هدى في الدنيا، وبشرى في الآخرة، وهم الموصوفون بالآية التالية: