٨٢ - ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ جواب على السؤال في الآية السابقة، أي إن الذين يستحقون الأمن هم المؤمنون الذين، من جهة لم يخلطوا إيمانهم بشرك، لقوله تعالى: ﴿وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: ١٢/ ١٠٦]، وقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ٣١/ ١٣]، ومن جهة ثانية فإن الظلم تعبير عن المعصية والفسوق، فالإيمان إذا لم يرافقه العمل الصالح لا ينفع صاحبه، والآيات كثيرة في وجوب ارتباط العمل الصالح مع الإيمان، انظر مثلا الآية (١٥٨)، ﴿أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ﴾ الأمان والسكينة والاطمئنان ﴿وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ إلى الحق، وغيرهم في ضلال.
٨٣ - ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ﴾ وهي الحجة المشار لها في الآيات (٧٥ - ٨٢)، حجة البصيرة والعقل، أرشده تعالى إليها ليثني قومه عن الشرك وعن عبادة الكواكب والأصنام ﴿نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ﴾ بالنبوّة وبالعلم وبالحكمة ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ حكيم بتدبير خلقه وبعث من يشاء من رسله، ومن إنعامه تعالى على إبراهيم أيضا أن جعل من النبوّات في ذريته:
٨٤ - ٨٥ - ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ﴾ إشارة إلى أن الهداية طالت أجداده وذريته معا ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ﴾ أي هدينا أيضا من ذريته ﴿داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ﴾ وقد ذكر الرازي من ضمن شرحه لذكر الرسل والأنبياء على هذا الترتيب ما يلي: أولا