٩٠ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ﴾ كفروا ببعثة محمد ﷺ بعد أن آمنوا بمن قبله من الرسل ﴿ثُمَّ اِزْدادُوا كُفْراً﴾ بمقاومة الحق، والإمعان في الكيد للمسلمين ومحاربتهم، والتشكيك بالإسلام، حتى تمكّن الكفر منهم لكثرة ما عملوا بمقتضاه ﴿لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ﴾ عند الموت أو في الآخرة، بدليل الآية التالية ﴿وَأُولئِكَ هُمُ الضّالُّونَ﴾ راسخون في الضلال.
٩١ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ﴾ كفروا ببعثة خاتم الأنبياء والرسل، وماتوا على الكفر بلا توبة ﴿فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً﴾ المعنى لو كان قد تصدّق به في الدنيا فلن يقبل منه في الآخرة، لأنّ الكفر أحبط عمله ﴿وَلَوِ اِفْتَدى بِهِ﴾ لا وسيلة للافتداء في الآخرة، أي لن تقبل معاذيرهم ﴿أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ﴾ لأنهم تعمّدوا إنكار الحقّ.
٩٢ - ﴿لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ﴾ البرّ هو الإيمان الصادق، ويقال برّ الرجل يمينه أي صدق بها، أنظر آية [المطففين: ٨٣/ ٢٢]، والخطاب استمرار لما قبله، فبعد أن أخبر تعالى أنّ إنفاق الكفار على أعمال الخير مهما بلغ في الدنيا لن يجديهم شيئا في الآخرة، فبالمقابل تخبر هذه الآية أن إنفاق المؤمنين مما يحبون هو الكفيل بنيلهم البر، فالإنفاق يصدّق الإيمان.
والإنفاق لا يقتصر على المال إذ يمكن أن يشمل بذل الجهد والطاقة والمركز والسمعة والنفوذ والتعليم وتكريس النفس للعمل في سبيل الله، والمعنى أنّ غاية ما يمكن أن يتوصّل إليه المؤمن، بعد أن يقوم بجميع أركان الإسلام، هو الإنفاق ممّا يحب فلا يكون صادق الإيمان حتّى يتوصّل إلى هذه الخصلة، انظر آية [البقرة ٢/ ١٧٧].