أو العقد أو الجوار أو القرابة، والذمّة أيضا العهد الذي يترتب على ضياعه مذمّة، والمعنى أن المشركين في حال ظفرهم لا يخافون عواقب سوء عملهم فيكم، ولا يراعون علاقات الجوار والقربى، ولا ما تستوجبه الأحلاف والعهود ﴿يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ﴾ فلا تنخدعوا بمعسول الكلام منهم ﴿وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ﴾ يضمرون الشر والأذى إن قدروا عليكم ﴿وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ﴾ أكثرهم خارجون عن مقتضى العهود والمواثيق ناكثون لها، وأقلهم الموفون بعهودهم، لأنّ الفسوق في اللغة هو الخروج والانفصال،
٩ - ﴿اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ﴾ التي تدعوهم إلى الإسلام والاستقامة والوفاء بالعهود ﴿ثَمَناً قَلِيلاً﴾ أى شيئا حقيرا من حطام الدنيا الزائل، وهو أهواؤهم ونزواتهم، وهذا شرح لسبب فسوقهم المذكور في الآية السابقة، أنهم استبدلوا شهواتهم ونزواتهم بآيات الله التي تحض على الوفاء والاستقامة، والخلاصة أنهم فضّلوا الدنيا على الآخرة ﴿فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ﴾ بسبب تهالكهم على الدنيا صدّوا الناس عن سبيل الله - الإسلام - من آمن به فعلا ومن يريد الإيمان أو يتوقّع منه ﴿إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ساء عملهم الذي كانوا يعملونه من نبذ الآيات واتباع الشهوات والصد عن الإسلام.
١٠ - ﴿لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ﴾ وهذا سلوكهم مع المؤمنين عامّة ﴿إِلاًّ وَلا ذِمَّةً﴾ لا يرعون مع عامة المؤمنين حقوق القربى والعلاقة والذمّة، والمغزى أن المشركين ناقضي العهود لا يرعون حقوق معاهديهم من المؤمنين، فمن باب أولى أنهم لا يرعون حقوق المؤمنين إطلاقا ﴿وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾ يعتدون على حقوق الذمة والقربى، ويبدؤون غيرهم بنقض العهود وبالظلم والعدوان.