٦٠ - ﴿قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ﴾ الملأ هم كبار القوم، قيل لأنهم يملؤون صدور المجالس، وتمتلئ العيون من تكرار رؤيتهم، كما قد تمتلئ القلوب منهم هيبة ﴿إِنّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ كما هي العادة، يرى الملأ في الأنبياء خطرا على زعاماتهم ومصالحهم الاقتصادية والسياسية، إضافة أنهم نشأؤوا على التقليد، فاتهموا نوحا بالضلال المبين، ثمّ عابوا عليه أن جميع من تبعوه من ضعاف القوم وصغارهم، انظر آيات [هود ٢٧/ ١١] و [الشعراء ١١١/ ٢٦]، ويحتمل أنهم اتهموه بالضلال المبين بعد أن رأوه يعمل في إعداد سفينته على اليابسة، مع عدم وجود أي أثر للماء في المنطقة.
٦١ - ﴿قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ أي على النقيض من كوني ضالاّ فإني على الطريق الصحيح، لأني رسول من ربّ العالمين، والمعنى أن الضلال بكم، ووظيفتي هدايتكم.
﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ (٦٢)
٦٢ - ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي﴾ وما على الرسول إلاّ البلاغ ﴿وَأَنْصَحُ لَكُمْ﴾ ما هو في صالحكم، ولا أكرهكم على شيء، ولست عليكم بحفيظ ولا وكيل ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ لأن الإنسان لا يتوصّل إلى العلم الصحيح فيما يتعلق بالدين، وعالم الغيب، والآخرة، إلا عن طريق الوحي الإلهي، لا عن طريق الظن والتخمين والنظريات.