ومن سننه تعالى أيضا أنّ الجحود بالآيات يصرف أصحابه عن بلوغ الحقيقة:
﴿كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ [/ ٦٣٤٠]، وكذا الجدل بالباطل: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنّى يُصْرَفُونَ﴾ [/ ٦٩٤٠]، ثم يكتشف المستكبرون ويقرّون، بعد فوات الأوان، أنّ الباطل لم يكن سوى وهم: ﴿ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ﴾ [/ ٧٣٤٠ - ٧٣]، بعد أن كانوا يخدعون أنفسهم بإنكار أي حقيقة مهما كانت باهرة إذا كانت تخالف شعورهم بالأهمية وبالكبر: ﴿فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ [/ ٨٣٤٠]، أي بعد أن كانوا مبتهجين بمعارفهم ومكتفين بذواتهم، وشعورهم بعدم الحاجة إلى الوحي الإلهي حاقت بهم، بعد الفوات، حقيقة الوحدانية والحساب الذي أصرّوا على نكرانه وكانوا يستهزئون به من قبل.
وكما هي العادة في القرآن الكريم تبين السورة هذه النقاط بالإشارة إلى قصص الأقوام والحضارات البائدة،
[النظم في السورة]
﷽
تبدأ السورة بتأكيد أصالة القرآن الكريم: ﴿حم * تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ (١ - ٢)، وهذا التأكيد يتكرر في أوائل سور ال ﴿حم﴾ السبعة من زوايا مختلفة،