للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكفار ومن انتشار معابدهم وطقوسهم وشركهم إذا هم أقاموا فيها، راجع شرح آية [الأنفال ٥٦/ ٨]،

وأما الناس عامة خارج جزيرة العرب فليسوا مقصودين بالآية ولا بالحديث، وينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة ٢٥٦/ ٢]، والآيات عديدة في ضمان حرية العقيدة والنهي عن العدوان وترجيح الصلح كما في آيات [البقرة ١٩٠/ ٢ - ١٩٣]، [النساء ٩١/ ٤]، [الأنفال ٦١/ ٨]، [الممتحنة ٨/ ٦٠ - ٩]، والآيات أيضا كثيرة جدا في أنّ الإسلام مبني على الدلائل والحجج والفكر والنهي عن التقليد، ممّا طبقه المسلمون عمليا في البلاد المفتوحة، وقد ضمنوا حرية الدين لأهل الكتاب، وفي الآية التالية مزيد من التأكيد والشرح عن هذا الموضوع:

﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٦)

٦ - ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ﴾ استجارك مجاز من الجوار، لأن الجار عند العرب يدفع عن جاره أنواع الضرر، والعرب تقول: أنا لك جار، أي أمنع الغير من الوصول إليك بضرر، والمعنى إذا جاءك، أيها الرسول، أحد المشركين طالبا الأمان فاستجب له ﴿حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ وهو استثناء من الآية (٥)﴾، لأنّ الكافر إذا جاء طالبا الحجة أو الدليل مستفهما عن القرآن، فيجب إمهاله ويمتنع قتله وقتاله، حتى يسمع ما يريد من القرآن والدلائل والبينات، فإذا رفض الإسلام بعد ذلك يجب إيصاله إلى قومه أو إلى مكان يأمن فيه على نفسه ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ﴾ أي ذلك الأمر بإجارة من يريد من المشركين، وإتاحة الفرصة لهم لسماع القرآن وفهمه، بسبب أن المشركين جاهلون لا يعلمون القرآن ولا الإسلام حق العلم، والخطاب وإن كان في الأصل موجها للنبي فهو من ثمّ موجه للمسلمين للعمل به في كل وقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>