تبدأ السورة ببيان أحكام تنظيم الأسرة الإسلامية والعلاقات العائلية، ومنها أحكام الإرث، ثم تنتقل إلى مواضيع الحكومة الإسلامية، وعلاقات المؤمنين بالكفار، وأمور السلامة العامة، وتبحث وحدة الرسالات السماوية إلى البشرية جمعاء، وتختم بإتمام أحكام الإرث.
ومن نظم السورة نلاحظ تداخل آيات الأحكام والتشريع الإسلامي والتطبيق الحياتي مع آيات التوحيد والإيمان والأخلاق، في إشارة لأن حياة الإنسان وحدة متكاملة ممّا يستلزم ارتباط الحياة الروحية للمسلم مع حياته العملية المعاشية بلا فصل بينهما.
ومن لطائف السورة أنّ ما يصيب الإنسان من حسنات أو سيئات يتم بحسب سننه تعالى في الخلق وفق نظام الأسباب والمسببات وبنتيجة حرية الخيار التي كرّم بها تعالى بني آدم، فما بالهم لا يفقهون سننه تعالى في خلقه؟ ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً﴾ (٧٨)، فمن يتّبع سبل الخير يصل إليها، لأن الإنسان مخيّر في اتباع الطرق التي تؤدي به إلى الصواب أو الخطأ، والخير أو الشر، فيكون ما أصابه من السيئة لعدم فهمه الوحي، وعدم اتباعه السنن التي أوجدها تعالى في الخلق: ﴿ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً﴾ (٧٩).