للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لكنّ فرصة التوبة متاحة لهم الآن قبل وقوع الساعة وقبل نزول العذاب بهم، ومع ذلك فإنّهم لا يتوبون ولا يعتبرون بل يعودون إلى غيّهم: ﴿إِنّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنّا مُنْتَقِمُونَ﴾ (١٥ - ١٦)، وكشف العذاب قليلا أي إنه تعالى يعطيهم الفرصة من حاضرهم حتى وقوع الساعة،

وهنا تضرب السورة مثلا بعاقبة بعض الأوّلين الذين أصرّوا على تكذيب الأنبياء، كما في بعثة موسى إلى فرعون: ﴿وَلَقَدْ فَتَنّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾ (١٧)، والفتنة، الاختبار، بمعنى أن فرعون وقومه لم يستفيدوا من بعث الرسول موسى إليهم.

إذ طلب موسى منهم أن يؤدّوا ما هو واجب عليهم من الإيمان والاستجابة لدعوته، وعلّل ذلك بأنه لهم رسول أمين: ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ (١٨)

وحذّرهم من إنكار دعوته بعد أن حشد البراهين على صحتها: ﴿وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ (١٩)

وأنه يستعيذ بالله ربّ العالمين من أن يقتلوه أو يرجموه بسفيه الكلام: ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ﴾ (٢٠)

وفي حال إنكارهم لرسالته طلب منهم أن يتركوه وشأنه يدعو غيرهم إلى الله، وفي ذلك دعوة ضمنية لاحترام حرية الفكر التي كرم بها تعالى بني آدم:

﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ (٢١)

لكنهم على النقيض من اعتزاله همّوا بقتله، انظر آية [غافر ٢٦/ ٤٠]، فلجأ إلى الله تعالى بالدعاء: ﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>